السعـادة


السعادة غاية الإنسان فى الحياة ، وحيث طغت المادة على حياة الناس فإن الكثيرين 
منهم ينظر إلى السعادة على أنها تحقيق رغبات فيعتقدون أن سعادتهم تتحقق بحصولهم 
على ملذات الدنيا كالشهرة والسلطة والمال ، وتختلف الرغبات عند الفرد باختلاف 
الظروف فالمريض يسعد بشفائه والتلميذ يسعد بنجاحه والسجين يسعد بإطلاق سراحه 
والمغترب يسعد بعودته إلى وطنه . وقد اختلف الفلاسفة عبر الزمان فى تعريف السعادة 
، فهي عند زرادشت هي انسجام بين رغبات الإنسان وظروفه ، وعند أرسطو هي هبة من الله 
، وعند أفلاطون هى فضائل النفس ، وعند الفارابي هى الخير المطلوب لذاته . وفى علم 
النفس ، يقول مايكل أرجا يل فى كتابه سيكولوجية السعادة أن السعادة انعكاس لدرجة 
الرضا عن الحياة أو انعكاس لمعدل تكرار حدوث الانفعالات السارة .



ليست السعادة في أن يتوفر للإنسان كل ما يريد ، فتحقق الرغبة يدخل السرور إلى 
النفس مؤقتاً ، ولكن سرعان ما يعيش الإنسان فى دوامة البحث عن المفقود لتحقيق ما 
يريد فتتحول سعادته إلى شقاء . والدراسات العلمية تنفى ارتباط تحقق الرغبات 
بالسعادة . فى الاستقصاء الذي أجرته مجلة النيوزويك الأمريكية حول أكثر شعوب 
العالم سعادة ، احتل الشعب النيجيري الفقير المرتبة الأولى بين 65 دولة وتلته شعوب 
كل من المكسيك وفنزويلا وسلفادور، بينما احتلّت شعوب الدول المتقدمة ذات الرخاء 
المادي ومن بينها الولايات المتحدة الأمريكية مراكز متأخرة على سُلم السعادة (مجلة 
نيوزويك، الطبعة العربية، 3/8/2004، ص 58. (



بخلاف الفكر البشري وآراء الفلاسفة ومفاهيم الناس ، فإن السعادة فى الدين الإسلامي 
أمر مرتبط بالإيمان . يقول تعالى : " يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا 
بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ (105) فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي 
النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (106) خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ 
السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا 
يُرِيدُ (107) وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا 
مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ 
مَجْذُوذٍ (108) " (هود: 11 (.

وجاء في الحديث الصّحيح : " عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ 
خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلاَّ لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ 
شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا 
لَهُ " .
وقد فسر هذا المعنى العلامة ابن القيم رحمه الله في أول كتابه الوابل الصيب ، إذ 
بين أنّ العبد المؤمن في سرّائه شاكر، وفي ضرّائه صابر، وفي وقوعه في الذنب مستغفر 
.

*        إذا أذنب استغفـــر " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى 
اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا " (التحريم 66: 8) .

*        إذا أُنعم عليه شكر " وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ 
لَأَزِيدَنَّكُمْ " (إبراهيم 14:7) .

*        إذا ابتلي صبــــــــــــــــر " مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا 
بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ " (التغابن 64: 11) .

ذلك أن أمور المؤمن جميعها تتحول إلى خير ، إذ يتحول الذنب إلى استغفار والنعمة 
إلى شكر والبلاء إلى صبر ، والاستغفار والشكر والصبر طاعة لله . وبذكر الله تطمئن 
القلوب فتتحقق السعادة . الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ 
اللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ " (الرغد 13: 28).



إذاً فالسعادة فى الإسلام جزاء الإيمان ، مظهرها شعور داخلي يتمثل في سكينة النفس 
، وطمأنينة القلب ، وانشراح الصدر، وراحة الضمير والبال . والرضا هو خير دليل على 
سعادة الإنسان ، ونعبيرها أن الحمد لله وتوكلت على الله . أهل الإيمان هم أهل 
السعادة ، ومن فارقه الإيمانُ فارفته السعادة . يقول الخالق : " فَمَنِ اتَّبَعَ 
هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ 
لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) " (طه 20) 
.

-- 
-- 
You received this message because you are subscribed to the Google Groups 
"Kantakji Group" group.
To post to this group, send email to kantakjigroup@googlegroups.com
To unsubscribe from this group لفك الاشتراك من المجموعة أرسل للعنوان التالي 
رسالة فارغة, send email to kantakjigroup+unsubscr...@googlegroups.com
For more options, visit this group at
http://groups.google.com/group/kantakjigroup?hl=en
سياسة النشر في المجموعة:
ترك ما عارض أهل السنة والجماعة... الاكتفاء بأمور ذات علاقة بالاقتصاد الإسلامي 
وعلومه ولو بالشيء البسيط، ويستثنى من هذا مايتعلق بالشأن العام على مستوى 
الأمة... عدم ذكر ما يتعلق بشخص طبيعي أو اعتباري بعينه باستثناء الأمر العام الذي 
يهم عامة المسلمين... تمرير بعض الأشياء الخفيفة المسلية ضمن قواعد الأدب وخاصة 
منها التي تأتي من أعضاء لا يشاركون عادة، والقصد من ذلك تشجيعهم على التفاعل 
الإيجابي... ترك المديح الشخصي...إن كل المقالات والآراء المنشورة تُعبر عن رأي 
أصحابها، ولا تعبّر عن رأي إدارة المجموعة بالضرورة.
--- 
You received this message because you are subscribed to the Google Groups 
"Kantakji Group" group.
To unsubscribe from this group and stop receiving emails from it, send an email 
to kantakjigroup+unsubscr...@googlegroups.com.
To post to this group, send email to kantakjigroup@googlegroups.com.
Visit this group at https://groups.google.com/group/kantakjigroup.
For more options, visit https://groups.google.com/d/optout.

رد على